جاء في المصري اليوم ان نائب وطني وقبيلته اقتحموا مركز شرطة
بقنا. للافراج عن بعض انصاره.نحن لا نتحدث هنا عن مجرم عتيد او لص او حتي بلطجي.
اقتحموا مركز شرطة في قنا لغرض ما.نحن نتحدث عن نائب محترم في مجلس الشعب .نتكلم عن ممثل
عن الامة. لتحديد مستقبلها وتسيير شئونها وامورها.ماذا حدث في مصر. لنصل الي هذا الذي وصلنا اليه.
لتفهم هذا الخبر اقرأ خبر آخر غيره مقابلا له. وهو ان محكمة جنايات دمنهور إيدت الافراج عن القيادي
الاخواني جمال حشمت.ولكن الدولة لم تفرج عنه حتي الآن.للاسف الشديد
نقولها بصراحة ووضوح. لقد قضي الرئيس مبارك علي دولة القانون في مصر.
هذا امر مؤسف ولكنها الحقيقة كما اعتقد. ودلائل ذلك كثيرة.ولست ادري لما غضب البعض
من المستشار الخضيري. مع ان الرجل يتحدث عن واقع ولم يخترع امورا من خياله.
الواقع ان بعض القضاة للاسف الشديد لم يفهموا معني القضاء المستقل بمعناه الصحيح.
ويعتقدون انفسهم انهم مجرد موظفين وفقط.يؤدون ما يطلب منهم من عمل.
سواء انقضت مصلحة الناس ام لم تنقضي.وهذا اعتقده فهم قاصر وغير صحيح.
واعتقد ان حكم القاضي عندما لا ينفذ علي الارض. ويطبق حرفيا كما حكم به تماما. كأنه في هذة
الحالة غير موجود. او كأنه عدل او بدل فيه. بعد ان حكم وبت القضاء في الامر.ذلك لان
الغاية من القضاء هي الحكم بين الناس بالعدل والقسطاط المستقيم.وعندما يضرب بحكم القضاة عرض
الحائط. تنتفي هنا الغاية التي جلس من اجلها القاضي علي المنصة.
فلم يجلس قاضي علي المنصة وهو يعلم ان حكمه او عدله بين الناس لا ينفذ.وكأن
الامر في حالة وجوده مثله في حالة عدم وجوده.مادام ان العدل لم يصل الي اصحابه.فهل يرتاح
ضمير القضاة لهذا الامر.والامر بهذا المعني لا يمس هيبة القضاة.والحق ان هيبة القضاة
ليست نابعة من عملهم ولا مراكزهم ولا اشخاصهم كما يحاول البعض الايهام بهذا.
اعتقادي ان هيبة القضاة مستمدة اكثر من تطبيق الحق والعدل بين الناس. وهي الغاية
التي يجلس من اجلها القاضي علي المنصة.وعندما لا يوجد حكم عادل نافذ بين
الناس. حكم بها القضاة انفسهم من قبل.هذا ينتقص من هيبة القضاة. والاخطر من هيبة القضاء ذاته.
وهذا ما يحدث في مصر اليوم.عندما ضربت الدولة باحكام القضاة عرض الحائط.
واصبحت تتخير وتنتقي في تنفيذ احكام القضاة.هذا افقد الناس الثقة في القضاء
برمته. وليس في القضاة فقط.لان هيبة القضاة قد تنتقص وهم داخل المحكمة وعلي منصاتهم.
اما هيبة القضاء نفسه. فهي قد تنتقص داخل وخارج المحكمة(بين الناس عندما يضيع
الحق بينهم) الحق ان القاضي يستمد هيبته من القضاء اكبر مما يستمدها من المنصة.
بمعني ان القضاء هو الحقيقة التي تسير بين الناس وتحكم وتنفذ بينهم بالعدل.
وعندما لا ينفذ القضاء الذي حكم به القضاة.فهنا يفقد القضاء هيبته. وبالتالي يفقد
القضاة انفسهم هيبتهم.وتزعزع ثقة الناس في القضاء والقضاة معا.
لقد فهم الغرب هذة البديهيات. فكان هذا حالهم ومآلهم. ونحن لم نفهم هذة البديهيات. فاصبح
حالنا بهذا الشكل المخزي.فهل يستطيع رئيس امريكا مثلا ان يوقف حكم قضاء واحد.
اعتقد ان هذا صعب ان لم يكن مستحيلا عندهم.لهذا احترم
الناس ووثقوا في القضاء. فاختاروه حكما بينهم.يقضي بالعدل في شئونهم.اما نحن فلم نثق للاسف
الشديد في القضاء.فلم نجعله حكما بيننا. يقضي في امورنا وشئوننا.فاصبح كل شخص
قاضي نفسه.يحكم ويقضي وينفذ حكمه بنفسه.اعلم ان هذا قول مؤلم وغير مصدق
من قبل البعض.ولكنها باعتقادي الحقيقة حتي يتبين لي غيرها.
وهذا راجع لولاة الامر.حينما يضيعون الاحكام ولا ينفذونها.
وينتقون في الاحكام. التي تأتي علي هواهم تنفذ. والتي لا تأتي هواهم لا تنفذ.
اقول لن ابحث في التاريخ. حتي لا يقال هذا زمن وانقضي.سنتحدث
عن الحاضر. ليكون شاهدا علينا وعليهم.اقول هل لو بت قاضي امريكي في
قضية معينة مثل قضية الاخوان علي سبيل المثال. وكان حكمه الافراج عن المسجونين.
هل يستطيع اوباما ان يمنع هذا الافراج.لو حدثت مرة لكانت فضيحة يسير به الركبان.
اما عندنا فهي تحدث الفا. بل قل عشرة آلاف او الف الف.ولم يحدث شيء علي الاطلاق.
هذا لان احدا لم يعد يثق في القضاء. وليس القضاة وهذا مؤسف ومحزن.
الحكم عنوان الحقيقة. ومادام كذلك فعدم نفاذه هو عنوان الضلال
والكذب.يفتخر هؤلاء بان الحكم عنوان الحقيقة.ولم يسألوا انفسهم.
وماذا عن عدم تنفيذ عنوان الحقيقة.اليس هذا يفشي بين الناس الضلال والكذب
وعدم التصديق والايمان بالقضاء.هذا النائب الذي اقتحم
مركز شرطة لم يؤمن يوما بالقضاء. لانه يعلم ان القضاء لا ينفذ.
وان العدل لم يعد معصوب العينين.بل اصبح يري ويختار وينتقي في تنفيذ
احكامه.هذا افقده مصداقيته وثقة الناس في القضاء.من العامل البسيط والمزارع
الي النائب والوزير.الناس تذهب في كل زمان ومكان للقضاء. كآخر الحصون
والقلاع التي يلجأون اليها. عندما تنتهي وتقف عندهم الاسباب.وحين لم يعد. يثقوا
في القضاء. فطبيعي ان يكون هذا حالهم.وماذا بعد هذة المرحلة.
ماذا بعد مرحلة ان يستقوي القوي علي الضعيف.وان يأخذ المسيحي
من المسلم حقه بيده.وان يأخذ المسلم من المسيحي حقه بيده.
اسألوا انفسكم ماذا بعد هذة المرحلة.قلت
من قبل. هل ضرب النظام عرض الحائط باحكام القضاة ليس له نتائج وآثار
علي الارض. وعلي واقع المصريين.ان من يعتقد بهذا هو واهم.آثاره متمثلة
فيما يحدث لنا من فقدان لهيبة القضاء مرة بعد مرة.
في هذا الاعرابي الذي يعتدي علي كنيسة. وفي ان يرد القساوسة بالمثل علي الاعرابي.
في هذا المسلم الذي يريد هدم كنيسة جاره.وفي هذا المسيحي الذي يرد
علي جاره المسلم بالمثل.في هذا النائب الذي يقتحم
مركز شرطة ويعتدي علي من فيه.في هذا البدوي الذي يضع يده علي ارض ليست ملكه.
وهي ملك للدولة. ويتم تقنين وضعه بعدها.علي اساس ما يعرف بوضع اليد(البلطجة
اصبحت تقنن هي الاخري).في هذا الضابط الذي يعذب مواطنا داخل عرينه(قسم الشرطة)حيث لا حسيب ولا
رقيب عليه.وكل ما يفعله الوزير. هو منع دخول الهواتف. لكي لا نشاهد مخازي وجرائم رجاله.
في ان كل هذا يحدث في البلاد. ولا يقال حتي غفير في وزارة من الوزارات.
اليس كل هذا من ضياع هيبة القضاء في نفوس المصريين.لقد تربينا علي ذلك امدا طويلا.ويوما
ما سندفع ثمن هذا العبث والاستهزاء بالقضاء.
لذا ارجو ممن يحبون ان يعيشوا اطول فترة ممكنة آمنة في هذة البلاد.
ولست اقول ممن يحبون هذا الوطن.فقد تبين لي بصدق اننا لا نحب هذا الوطن إلا مجرد كلام
لا ينفع ولا يحمي ولا يحرس وطن.ارجو ان يطالبوا المسئولين بان ينفذوا
احكام القضاء مهما كانت في صالحهم او في غير صالحهم.
وان يسعوا علي استقلال السلطة القضائية عن بقية السلطات الاخري.
ذلك بان يتولي القضاة شئون انفسهم بانفسهم.وهم ادري واصلح لامرهم من غيرهم.وان يمنع منصب
وزارة السلطة التنفيذية(وزارة العدل) من زجه عدوانا علي السلطة القضائية.
لست اتحدث هنا عن افراد. ولست ادعي قول الحقيقة.ولكن اعتقد ما اراه صوابا.
واتمني من الرئيس ان يعمل لصالح بلده بحق وليس برأيه. وهنا فرق كبير.
يا سيادة الرئيس. ارسي دعائم دولة القانون من فضلك. من اجل صالح هذا الوطن.
يا سيادة الرئيس. لا يكفينا ان تتحدث وتظل تتحدث. وعلي الارض يشي الواقع بغير
ما تتحدث به.والله المستعان.