حقيقة انا لا استطيع ان استوعب حتي الان كيف يدار العقل المصري الفريد في نوعه.
وحيرتي تنصب علي مظاهر التدين واشكال العبادات لدي المصريين. ففي حين انه بعد كل هذة العبادات
ومظاهر التدين.ينبغي ان تأتي المعاملات متفقة ومنسجمة من كل هذة العبادات.بيد ان الحاصل في مصر
ان العبادات في واد والمعاملات في واد آخر.وكأنه لا رابط بينهما علي الاطلاق.
منذ ايام قرأت في جريدة الشروق علي ما اتذكر. ان رجال مباحث
امن الدولة يقيمون صلاة جماعية في مقر عملهم.وحين استفسر عن سر
هذة التناقض. بين ما هو معروف عنهم من استخدامهم وسائل
بشعة في تعذيب الابرياء. وبين هذة الصلاة الجماعية.قيل انهم يعتقدون ان التعذيب من اجل الوطن ليس
حراما.وهكذا بهذة البساطة يعذبون الناس.اذا اي دين هذا الذي يبيح تعذيب الناس ليحلله
لاتباعه.هو حينها ليس بدين.وحشالله ان يكون دين الاسلام هكذا.كبرت كلمة تخرج
من افواههم.لا يوجد مبرر علي الاطلاق مهما كان لتعذيب الناس.مهما فعل
هؤلاء الناس.لا يوجد منطق او شرع او دين يبرر تعذيب الناس.
وإلا لما كان القصاص والقضاء العدل.وارجو ان يأتوا بشيء يقول ان الله يبيح تعذيب الناس.
الذي يحكم بين الناس هو القضاء.ليقتص من الظالم ويعيد للمظلوم حقه.ومادام
الامر هكذا .فليس من حق احد مهما كان. ان يبيح لنفسه تعذيب متهم او مجرم او مدان.
وللقضاء وحده اخذ القصاص من الظالمين والمجرمين.
فمن اين اتي رجال مباحث امن الدولة بزعمهم هذا.واعتقادي ان عليهم
ان يختاروا. ان كانوا يريدون ان يستقيموا مع انفسهم. بين تعذيب خلق الله بغير وجه حق.
او الصلاة والزكاة لخالق الناس جميعا.فالله لا يفرق بين عباده.ولم يعطي جزء من عباده رخصة.
لتعذيبهم عباده الاخرين.حشالله سبحانه وتعالي عما يصفون.ولكنه فكر المجرمين.
الذين يصلون ويصومون ثم لا يتورعون عن فعل المنكر وتعذيب الابرياء.
ويتمسحون في دين الله.اقول ان من يعذب الناس عليه ان يستقيم مع نفسه.
فاما ان يؤدي حق ربه عليه تجاه عباده بالحق. فيصلي ويصوم ويذكي ويتقي الله
في خلقه.واما ان يتبع هواه ويعذب خلق الله ما شاء له. دون ان يدعي بعدها انه يصلي ويصوم لله حقا.
لمن تصلي او تصوم اذا.اتصلي وتصوم لله.اي إله هذا الذي يبيح لك تعذيب خلقه.
سبحانه وتعالي عما يصفون.الله لا يأمر بالفحشاء والمنكر والبغي وتعذيب خلقه لاي سبب
كان.انما هو الهوي الذي اتبعه اكثرنا بدون علم.انني في حيرة حقيقية.
عندما اجد المساجد عامرة بالمصلين في رمضان وغيره.واجد كثير من امة
محمد صلي الله عليه وسلم يصومون.وان كثير منهم يحجون ويزكون.
اقول لنفسي وقتها. كيف يتفق الامر بهذا الشكل.ذلك عندما اجد ان كثيرا منهم ايضا
لا يتورعون عن اكل الحرام.وان كثيرا منهم لا يلقون بالا لمراعاة مشاعر الضعفاء
والمحتاجين.وكثير منهم لا يؤدي عمله بامانة وصدق.بل قل ان اغلبنا لا يؤدي عمله علي الاطلاق.
وكأن شيوخنا فرحون بهذة النتيجة العظيمة لما وصل اليه حال الامة.
منادة بالصلاة وصيام رمضان وحج للبيت الحرام وزكاة للمحتاجين.
في مقابل اننا اصبحنا ننهي عن المعروف ونأمر بالمنكر ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فان قال قائل من ينهي عن المعروف ويأمر بالمنكر.اقوله له انظر الي معاملاتنا مع انفسنا.
ستجدها تخبرك بما قلت واكثر منه.ماذا يفعل الله بصلاتنا وصيامنا.
ان لم ينفعنا ما نقوم به من عبادة في الدنيا.في تعاملنا مع بعضنا البعض.اذا متي تنفعنا.
من المؤسف ان يشغل عالم جل وقته ليعلم الناس كيفية الصلاة والزكاة والصيام والحج.
ولا يترك من وقته نصيبا ليعلمهم فيه ان المعاملة هي نتاج العبادة.
وان العبادة التي لا تنتج معاملة سليمة.فهي لا ريب عبادة غير صحيحة.
وان من يقبل الرشوة بيد. ويتطهر للصلاة باليد الاخري.هو مخادع يخدع
نفسه .ويظن انه يخدع ربه. والله خادعه.وان من يصوم عن الطعام. ولا يصوم
عن القول الفاحش والبذيء. والخوض في اعراض الغير.لا حاجة له في ترك طعامه
او شرابه.وان من يقرأ القرآن. ويقرأ قصص الانبياء وآيات الذكر الحكيم.
ويعلم ان في قصصهم عبرة لمن اراد ان يعتبر.ويسكت عما يفعله الطغاة والرئيس بالناس.
ولا يقول قولة حق في وجه سلطان جائر.فهو يقرأ ولا يقرأ في كتاب الله.
وان من يسمع قول رسول الله صلي الله عليه وسلم.ان من عمل منكم عملا فليتقنه.ولا يؤدي
عمله بامانة وصدق واتقان.فهو لا يطيع الرسول ولا يطيع الله.
لانه من اطاع الرسول فقد اطاع الله.اتعجب ان يكون كل نصيبنا من صلاتنا.
هو القيام والركوع والسجود.فمن يصدق ان من كان يقف بين يدي الله. كيف به ينافق رئيسا
او وزيرا.كيف لم تهذب صلاتنا ارواحنا.كيف لم يحثنا صيامنا علي الصبر والجلد
والاخلاص في عملنا.كيف بمن يحج ويري بيت الله الحرام. ان لا يرق للمحتاج
والضعيف.مالنا قد انفصالنا عن عبادتنا.وكأن إله العبادات.غير إله المعاملات.
سبحانه وتعالي انما هو إله واحد في السموات والارض.
فيا شيوخنا الافاضل.المعاملات المعاملات يرحمكم الله.المعاملات المعاملات لعلنا ان نغير ما بانفسنا.
فيغير الله ما بنا.ان تعريف الناس بالمعاملات في تعاملهم مع بعضهم البعض.
ومع من يحكمهم.اصبح ضرورة لا تقل عن تعريفهم بالصلاة والزكاة والصيام والحج.
اعلم ان الامر قد يشق علي البعض.اذ كيف نعرف الناس كيفية
المعاملة مع حكامهم.وكيف يطالبون بحقوقهم ويعملون بواجباتهم.الامر عسير
وشاق علي البعض لاريب.ولكن في زمن قطع الناس -كما تقطع صلة الرحم-بين عباداتهم
من صلاة وزكاة الخ.وبين معاملاتهم في عملهم وبيوتهم وفي مجالسهم.
في زمن كهذا.حق علي كل انسان. ان ينصح بما يعلم.والله من وراء القصد.