الأحد، 15 فبراير 2009

توت غنخ مبارك

توت غنخ مبارك
في مصر كل شيء يدار عكس عقارب الساعة.
فانت تستطيع ان تصل الي اعلي المناصب ولو
اتخذت اتجاها يخالف كل ما هو منطقي وسليم.لذلك
تجد مصر منفردة عن كثير من الدول باحداث ووقائع
وحقائق لا يستطيع اي غريب عنها ان يفهمها
بسهولة ويسر.ففي مصر ستجد كل مقومات الدولة
الحديثة من فكر وعقل وثروة طبيعية وبشرية.ولكن
بالرغم من ذلك هي تأخذ مكانها بين اقل الدولة
منزلة ومكانة.يحكمها شخص معظم
احاديثه وافعاله منفصلة تماما عن واقع حياة الملايين
من ابناء شعبه.والواقع ان التقدم في مصر ليس
مستحيلا وفي نفس الوقت هو سهلا ممتنعا.سهلا
لما ذكرته اننا نملك كل مقومات الدول الحديثة.وممتنعا
لان هذة المقومات تدار بعكس عقارب الساعة .بحيث
تصبح عبئا علي الدولة فتشدها تجاه التراجع
والتقهقر وليس الي التقدم والحضارة.وادعي
ان من ضمن اسباب تأخرنا ما يسمي باتفاقية كامب
ديفيد.التي شلت الحياة السياسية في مصر.لانها جعلت
من امن اسرائيل ورضاء امريكا عنوانا عريضا يجب
ان يأخذه اي حاكم في الحسبان.لذلك ليس من المستغرب
ان كثيرا من الدول استطاعت ان تحتوي الاسلاميون
داخل انظمتها.وتعثرت مصر بسبب الهاجس الامني
الذي يغزيه الخوف علي امن اسرائيل وعدم اغضاب
الامريكيين.نعم ان الخوف علي تركتنا العلمانية
لها نصيب في هذا الامر.ولكن لدي الساسة
واخص بذلك الرئيس مبارك يصبح عامل الخوف
علي اسرائيل وارضاء امريكا هو المحرك الاكبر
لهذا الفشل الذريع في احتواء الاسلاميين داخل نظامه.
واعزي هذا الحرص علي امن اسرائيل ليس لامن
الدولة العبرية في حد ذاته.ولكن لان نظام مبارك
لا يعرف غير القوة.فهو يعلم ان بقاء نظامه علي استقرار
مرتبط كثيرا بامن اسرائيل.ويعلم الرئيس الذي
لا يعترف بغير القوة تجاه شبعه.ان قوة خارجية
اكبر منه لن ترضي ابدا بوصول الاسلاميين لحكم
مصر لما فيه من خطر علي امن اسرائيل.لذلك
هو ينصاع بالكامل لهذة المعادلة.حتي ان
اصبح من مكونات هذا النظام العداء التام للاسلاميين.
دون محاولة لاعطاء العقل فرصة للتفكير.وكأن النظام
تفرغ تماما لهذا الغرض.فضيع علينا فرصة كبيرة
سوف نتمني عودتها عندما تبدأ النهضة الحقيقية
في مصر.واكبر دليل علي ذلك ان النظام
طيلة حكمه لم يفكر في اجراء انتخابات ديمقراطية
حقيقية لتؤتي بالافضل والاصلح لقيادة البلاد.
خشية مسمار حجا او اخوان مصر.كنت ستأتفق
مع النظام المصري لو اننا دولة مثل الصومال.
التي تحتاج لتجربة وراء اخري حتي ترسي قواعد
الديمقراطية.لانها تفتقد مقومات الدولة الحديثة.
ولكن دولة مثل مصر تملك بالفعل ما يجعل
من ديمقراطيتها دفعة الي الامام يقينا يقينا يقينا.
والخوف من عودة الاخوان بنا الي الخلف له
مبرره.ولكنه ينعدم تقريبا كلما تمتعت الدول
بمزايا ومقومات للنجاح والتفوق.نعم الاخوان
لن يكون حكمهم افضل من نظام مبارك كثيرا.ولكني
ازعم ان ارساء حكم ديمقراطي في مصر سوف
ينهض بالاخوان وينضجهم.واعتقد من المستبعد
ان يحكموا الان. ولو حكموا وفي مصر دولة ديمقراطية
سوف يكون حالنا افضل كثيرا لو حكمونا
ونحن بهذا الحال من الاستبداد.واعتقد ايضا
ان امامنا ليس كثيرا.الاختيار امام المصريون
لن يظل طويلا.وعليهم ان يحددوا بارادتهم
هل هم فعلا جادين لنهضة بلادهم.لقد
حذر من هذا الامر عشرات المفكرين وعادوا
وزادوا ولكن ما من مجيب.والبعض يعتقد
ان هذا من لهو الحديث او اماني بعض المغرضين
او نظرة سوداوية تنتاب هؤلاء المفكرين.واعتقد
ان من مصلحة امريكا ذاتها.ألا تفاجأ يوما ما بتغيير
لم يخطر لها علي بال في التركيبة السياسية المصرية.
مصر فقدت دورها ربما بعض المحاولات هنا وهناك
وقد تكون هذا المحاولات ناجحة.ولكنها ليست قائمة
علي مكانة مصر.بيد انها قائمة علي الظروف احيانا
وعلي الجغرافيا احيانا اخري.اما مكانة مصر فيدل
عليها عدة شواهد.اولا العربدة الاسرائيلية في المنطقة
بطريقة جنونية دون حدود.التدخل الايراني في اكثر
من ملف في المنطقة.الانشقاق والتصدع
في اكثر من بلد عربي.التقدم الذي يحرزه فئات
تختلف مع الاجندة المصرية في المنطقة.الاستعانة
باصدقاء من خارج المنطقة لحلول مشاكل
لم تكن تمثل صعوبة من قبل امام الدور المصري.
هذا كله راجع في الاساس للفشل الداخلي المصري.
من سوء حظ مبارك انه يقود دولة تملك بالفعل مقومات
دولة لها دور في محيطها.وحين فشل الرئيس
في هذا الدور.ظهر بوضوح هذا الفشل.في حين
انه لو تولي حكم دولة اخري.يمكن اقول يمكن
ان يمر فشله مرور الكرام علي كثير من الناس.
واعتقد ان الرئيس الحالي في امريكا سيكون
له كلمة اخري في مصر.ذلك لو تمتع بالفعل
بالموهبة التي اكتسح بها انتخابات دولته.بل وازعم
ايضا انه سيكون له كلمة ايضا في اسرائيل.
واكرر لو كان الرجل اتي بالفعل ليهدم ارث
اثقل كاهل دولته طويلا.لذلك اتمني ان نري اول رئيس
ديمقراطي في مصر بعد حكمنا توت غنخ امون
سبعة آلاف سنة من عمرنا.



ليست هناك تعليقات: