الجمعة، 28 نوفمبر 2008

لا خاب من استشار

لا خاب من استشار
من ضمن الاسباب القوية لهذا التردي الحضاري الذي تعيشه البلدان العربية.عدم اخذ حكامنا بالمشورة واعتمادهم علي حكمتهم ونبوغهم الخلاق الذي لا يوجد له نظير بين ابناء شعوبهم.الحقيقة ان الاستشارة في حد ذاتها ليست المقصد. ولكن الاخذ بها والعمل بالجيد منها هذا هو لب القصيد.فعندك مثلا الرئيس المصري حسني مبارك يسمع علي قدر ما يسمع من العلماء والمفكرين واهل الرأي.ولكن ابدا لا ينفذ من قرارات إلا ان كانت محض الهام او وحي او منبع حكمة خالصة لا يحوزها احدا غيره.كثيرا ما سمع الرئيس ان الافضلية بالنسبة للحكم الرشيد ان يكون لمدة لا تتجوز فترتين حكم.ولكن الرئيس يري ان فترة الحكم الممتدة بغير مدد محددة هي الاصلح للشعب.لا تقل كيف ذلك بأي مقياس عقلي او منطقي.فقط لان الرئيس يري ذلك فهو الصواب والافيد للناس.ربما تري انت ان تحديد مدد الحكم له من الفوائد ما يغني شعوب عن السؤال.وان اطلاق مدد الحكم به من الكوارث ما يفقر شعوب ويحوجها الي الاخرين.فمن اوحي الي الرئيس بان جعل مصير الشعوب مرتبط بعمر الحاكم وليس بعمله.والاغرب من ذلك ان بعض الاسلاميين يقولون ان هذا من الشريعة.بل وبعضهم اعطي لمبارك الحق الالهي في ان يظل يحكمنا حتي يأتي الله بامره.ولا حرج عليه ان يورثنا لابنه بعد عمر طويل في الخير ان شاء الله.فهل تقول الشريعة ان من حق آل مبارك او آل سعود ان يحكموا العباد الي يوم الميعاد.انه من اسف ان يحسب البعض ان ارتباط حكمهم بالشريعة يعطيهم صك وحق الهي ليظل الحكم في عقبهم الي يوم الدين.بالرغم ان الله يقول لنوح عليه السلام وهو ينادي ابنه ليركب معه في السفينة.انه ليس ابنك انه عمل غير صالح.ان امثال هؤلاء الحكام ورجال الدين هم من يشوهون الشريعة لدي الناس.فان كانت دولة كالسعودية تحكم بالشريعة ولا ترتقي في سلم الحضارة ولا يوجد بها تداول سلطة ولا بها حكم عادل يساوي بين البشر جميعا دون تفرقة.وان كانت دولة مثل مصر يقول دستورها ان مباديء الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع بها.ويجثم علي صدرها رجال ابعد ما يكونون عن الحق والعدل.ويحكمها ديكتاتور مستبد ما يزيد عن ربع قرن. ويريد ان يتركها لابنه من بعده ليعيد الكرة في المصريين.وحالها من البؤس والفقر والفوضي والقبح ما يحزن العدو قبل الصديق.فاي دولة عاقلة سوف تفكر ان تحكم رعاياها بالشريعة وتلكم هي النتيجة.المحزن في كل ذلك ان رجال الدين اول من يعلمون ان في حكم هؤلاء تشويها للشريعة. وافتراء علي الله ورسوله الذي اتي بافضل شريعة خاتمة للناس جميعا.حتي اصبح مجرد المنادة بحكم الشريعة له وقع غير محبب ومنفر لدي غالبية الناس.بل وزاد علي ذلك حركة طالبان في افغانستان والبشير في السودان والمحاكم الاسلامية في الصومال.كل هذة النماذج المسيئة.زادت من الصورة القاتمة التي تخيلها البعض عن الشريعة.اليست هذة النماذج المعتدلة منها والمتشددة هي ما تحكم باسم الشريعة.ولكن احد من تلك النماذج المعتدلة والمتشددة لم يجب عليك عندما تسأله.لماذا يطبق كل شيء في الشريعة.وعندما يأتي ذكر الحرية وتداول السلطة لا تسمع خبرا من احدهم.ذلك لان اغلبها ليس قائما علي العدل المطلق. وهو جوهر حكم الشريعة المفتري عليها من حكم طالبان وآل سعود وآل مبارك والبشير وغيرهم من تلك النماذج المنفردة لحكم الشريعة.ان جوهر الدين الاسلامي هو جوهر الشريعة تماما.وهو العدل المطلق للناس جميعا علي اختلافهم.وداخل ثنايا هذا العدل.يأتي تداول السلطة والحرية وكل فعل يرتقي بالانسان ليؤدي عبادته في صورة كاملة مضيئة.الشريعة تخلق مجتمعات سوية عادلة مفكرة تأخذ بالعلم والتفكر في خلق السماوات والارض.اما ان تعود الشريعة بالامم للوراء. فتجعلهم من دول العالم الثالث ولا يخرج من شعوبها اي ابداع او فكر.فالخطأ ليس في الشريعة لا ريب.ولكن فيمن يدعون انهم يطبقونها.اقول انه تحت مظلة اي حكم مدني او شرعي.يبقي الفصل فيه لتداول السلطة واخذ الحاكم بالمشورة والرجوع الي الحق.فالحكم الابدي لفرد او جماعة من الافراد يخلق نوعا من الانفراد بالقرار والتسلط واعتبار المنصب حق الهي لهم ومن يسلبهم اياه فهو عدو وعميل الي اخره.لذلك انت لا تري معارضين يهربون مثلا خارج امريكا.ويقيمون في غير بلادهم لانهم يخالفون رئيسهم الفكر.لان العدل فتح لهم ابواب المنافسة علي الحكم في بلادهم.اما لدينا فان الظلم اوصد امامهم اي باب الي الحكم والانصاف..بل وازيدك عليه ان امثال بن لادن قد يوجدون في الغرب.ولكن يلجم فعلهم ويهذبه ان باب العدل والحرية وتداول السلطة مفتوح امامهم.ووصول اصواتهم ومعارضتهم لاعلي مقام امر طبيعي وليس نشاز.فهذا منع ان يخرج امثال بن لادن من تلك الدول التي تحكم بالحرية والديمقراطية.فهل يعود هؤلاء الحكام الي شريعة الله وليس شريعتهم.فمن يطبق جزء ويتغافل عن جزء من الشريعة فمثل هؤلاء لا يطبقون إلا شريعتهم. وليس شريعة الله سبحانه وتعالي

ليست هناك تعليقات: